Logo
تبرع الآن

خطاب رئيس الأساقفة بييرباتيستا بيتسابالا لصاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني

خطاب رئيس الأساقفة بييرباتيستا بيتسابالا، المّدبر الرسوليّ للبطريركية اللاتينية لصاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني

البحر الميت  ١٧ كانون الأول ٢٠١٧

صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني المعظم

نحتفل في هذه الأيام بعيد الميلاد المجيد، عيد سلام ومحبة للبشرية كلهاهو عيد فرح وانتزاع كل خوفقال الملائكة للرعاة، كما جاء في الإنجيل المقدس: “لَا تَخَافُواإنِّي أُبَشِّرُكمُ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ فَرَحَ الشَّعبِ كُلِّهِوُلِدَ لَكُم اليَومَ مُخَلِّصٌ فِي مَدِينَةِ دَاوُدوَهَذِهِ عَلَامَةٌ لَكُمسَتَجِدُونَ طِفلًا مُقَمَّطًا مُضجَعًا فِي مِذوَدٍ” (لوقا ١:١٠-١٢).

كلمة الله الأزلى صار إنسانًا وسكن بيننا” (يوحنا ١: ١٤) ودخل تاريخ البشريةلم يأتنا ديانا أو نذيرعقاببل جاءنا طفلًا متواضعًا، ببساطة الطفل ووداعته وفرحه.. قال الملائكة للرعاة: “إنِّي أُبَشِّرُكمُ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ“.

هذه البشرى موجهة إلينا بصورة خاصة في هذه السنةفكلنا عطاش وجياع إلى الفرحبينما أصبح الكثيرون منا يرون بلوغ الفرح الحقيقي أمرًا صعبًا أو حتى مستحيلًا في الأوضاع المعقدة والصعبة التي نعيشها في هذه المرحلة من تاريخنا.

صاحب الجلالة

هناك أسباب كثيرة دينية واجتماعية تدعونا إلى الابتهاج والفرح في العيد، وهناك أيضا أسباب كثيرة تثير فينا الهموم والأشجان، حينما ننظر إلى المجتمعات السياسية والاجتماعية التي نعيش فيها.

بيت لحم والقدس مدينتنان قريبتان ومرتبطتان تاريخيا، وهما قلب إيماننا وحياة جماعاتنا المؤمنةفيما نحتفل بالميلاد في بيت لحم، لا يمكننا إلا أن نرى القدس وما تعاني.

كلنا سمعنا التصريح الخطير الذي أحدث خللا في وضع المدينة المقدسة، وفي الأماكن المقدسة، وفي حياة الجماعات الدينية فيهاإننا نعرب عن أسفنا لهذا التصريح الذي يزيد مسيرة السلام تعقيدا، بل عمّق هوة الثقة بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي.

أعرب البابا فرنسيس عن اهتمامه العميق، لهذا التصريح، وأعلن عن موقفه الصريح قال: “أرجو أن يهتم الجميع لهذه القضية وأن يلتزموا احترام الوضع القائم (الستاتو كووفي المدينة المقدسة بما يتلاءم وقرارات هيئة الأممالقدس مدينة فريدة، مقدسة لليهود والمسيحيين والمسلمين، وكلهم يكرمون فيها أماكنهم المقدسة كل واحد بحسب ديانتهوللقدس دعوة خاصةأن تكون مدينة سلام “.

أمام حالة الصراع القائم فيها، نحن نرى أن أي حل أحادي لا يمكن أن يكون حَلًّاأية قرارات أحادية من جانب واحد لا يمكنها أن تحقق السلامعكس ذلك، إنها تبعد السلامالقدس كنز ثمين للإنسانية كلهافكل مطالبة بها بصورة إقصائية، على الصعيد السياسي أو الديني، تنقض منطق طبيعة المدينة نفسها.

صاحب الجلالة

كلنا نعلم كم هي عزيزة، المدينة المقدسة، على قلبكمأنتم والأسرة الهاشمية، حراس للأماكن المقدسة في تلك المدينة، ولجماعات المؤمنين الذين يعيشون فيها ويصلونسمعنا صوتكم يرتفع مرات كثيرة، في الماضي، وفي هذه المرة أيضًا، للدفاع عن الوضع القائم (الستاتو كووللمدينة، وجماعات المؤمنين فيهاكلنا نثمن غاليا اهتمامكم للحضور المسيحي في المدينة المقدسة، ولدعمكم بالقول والفعل للمؤسسات المسيحية فيهاإنا نشكر لكم مواقفكم النبيلة، وهي مصدر عزاء نادر لنا في الظروف الراهنة، وفي الاضطراب الذي يعم هذا الشرق الأوسطنأمل أن تكونوا صوتا لنا لدى كل الهيئات الدولية مثل هيئة الأمم واليونسكو ولدى كل حكومات العالم، حتى يتنبهوا ويهتموا لهذه المدينة، المقدسة للديانات الثلاث، وهي تراث الإنسانية كلها، فيعملوا على تجنيبها كل قرار أحادي يسبب لها المذلة والضرر.

في هذه الأيام، كلنا معا نرفع صوتنا لنؤكد بقوة أننا نندد بكل شكل من أشكال العنف، المادي أو السياسيونؤكد على عزمنا للمطالبة ولتحقيق مستقبل للقدس يقوم على المشاركة وليس على الاستثناء أو الإقصاء، يقوم على الترحيب وليس على الرفض، حتى يكون كل المؤمنين الساكنين في المدينة المقدسة مواطنين كاملين متساووين.

صاحب الجلالة، باسمي وباسم المسيحيين الذين أمثلهم، أشكر لكم مواقفكم الشجاعةوأسأل الله أن يؤيدكم بحكمته وقوته ويشملكم ببركته القديرة.

رئيس الأساقفة بييرباتيستا

المدبر الرسولي للبطريركية اللاتينية – القدس