بيان البطريركية اللاتينية عما يجري في القدس
٩ أيار ٢٠٢١
نضم صوتنا إلى صوت جميع رؤساء الكنائس في القدس ومعهم نقول: "إننا نشاهد بألم عميق واهتمام بالغ أحداث العنف الجارية في القدس الشرقية، سواء في المسجد الأٌقصى أم في الشيخ جراح. إنه انتهاك لقداسة أهل القدس وقداسة المدينة، مدينة السلام. والوضع فيها يقتضي تدخلا فوريا".
إن العنف المستخدم ضد المصلين يهدد سلامتهم وينتهك حقهم في الوصول إلى أماكنهم المقدسة، وحقهم في العبادة فيها بحرية. وإن اقتلاع السكان من بيوتهم في الشيخ جراح هو أيضا اعتداء لا يمكن قبوله وانتهاك لحقوق الإنسان الأساسية، حق الإنسان في أن يكون له بيت. القضية قضية عدل لسكان المدينة، وحقهم في أن يعيشوا، ويصلوا ويعملوا فيها، كل واحد بحسب كرامته، الكرامة التي منحهم إياها الله نفسه.
وفي ما يختص بالشيخ جراح، فإننا نكرر كلمات رئيس هيئة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، الذي قال: "إن القانون يطبق بطريقة قائمة أساسا على التمييز". أصبحت هذه النقطة أساسية في التوترات المتصاعدة في القدس بصورة عامة. القضية اليوم ليست قضية مخاصمة بين أطراف خاصة على الملكية، بل هي محاولة تقودها أيديولوجية متطرفة تنكر حق الوجود لشخص موجود في بيته.
ويهمنا بصورة خاصة حق الوصول إلى الأماكن المقدسة. لقد منع المصلون الفلسطينيون ممارسة حقهم في الوصول إلى المسجد الأقصى في شهر رمضان. استعراض القوة هذا هو انتهاك لروح ونفس المدينة المقدسة، مع أن دعوتها هي أن تكون مفتوحة ومرحبة بالجميع، وأن تكون بيتا لكل المؤمنين، وكلهم متساوون في الحقوق، والكرامة والواجبات.
الموقف التاريخي للكنائس في القدس كان دائما واضحًا، فنحن نندد بكل محاولة تجعل القدس مدينة حصرية لأي طرف. هذه مدينة مقدسة للديانات الموحدة الثلاث، وبناء على القانون الدولي وقرارات هيئة الأمم المختصة، هي مدينة حيث الفلسطينيون أيضًا، مسلمون ومسيحيون، لهم الحق نفسه في بناء مستقبلهم فيها على أسس الحرية والمساواة والسلام. إننا ندعو إلى احترام كامل للستاتو كوو التاريخي في كل الأماكن المقدسة، بما في ذلك المسجد الأقصى والحرم الشريف.
السلطات التي تحكم المدينة يجب أن تحمي هذا الطابع الخاص للقدس، المدعوة لأن تكون قلب الديانات الإبراهيمية، ومكان صلاة ولقاء، مفتوحًا للجميع، وحيث كل المؤمنين والمواطنين من كل ديانة وانتماء يلتقون، ويشعر كل واحد منهم أنه في بيته، وأنه محمي وفي أمان.
كانت كنيستنا دائما واضحة وقالت إن السلام يقتضي العدل. ما دام هناك أي اعتداء وعدم احترام لحقوق الجميع، الفلسطينيين والإسرائيليين، على السواء، لن يكون هناك عدل، ولا سلام في المدينة. وإنه لمن واجبنا ألا نغض الطرف أمام الظلم أو أي اعتداء على كرامة الإنسان، أيا كان المعتدي.
إننا ندعو الأسرة الدولية، والكنائس وكل الناس ذوي الإرادة الحسنة إلى التدخل، ليضعوا حدا لهذه الأعمال الاستفزازية. وندعو كذلك إلى متابعة الصلاة من أجل سلام القدس. ونضم صلاتنا إلى صلاة البابا فرنسيس، حتى "تحترم هوية المدينة المقدسة المتعددة الديانات والثقافات، وتسود فيها الأخوة".