تجد أدناه خطاب غبطة البطريرك بييرباتيستا بيتسابالا، يطريرك القدس للاتين، الذي ألقاه في مؤتمر كنائس الشرق الاوسط "متجذرين في الرجاء" الذي عُقد في نيقوسيا (قبرص) من 20 حتى 23 نيسان 2023، كما وتجد ملخص يوماً بيوم للمؤتمر، حيث إجتمع ممثلو الكنائس لمناقشة أوضاع الكنيسة الحالية وتحديات المستقبل في منطقة الشرق الأوسط، بعد ١٠ سنوات من إطلاق الإرشاد الرسولي للبابا بندكتوس السادس عشر.
اليوم الاول: إفُتتح المؤتمر بكلمة سيادة المطران كلاوديو جوجيروتي، رئيس دائرة الكنائس الشرقية ورئيس الندوة، تبعها كلمة من المطران بيترو دل توسو القاصد الرسولي في الاردن وقبرص، وغبطة البطريرك بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للاتين، وخلال المؤتمر تم الحديث ومناقشة الإرشادات والأحداث التي وقعت منذ نشر البابا بندكتوس السادس عشر الإرشاد الرسولي، مع الحديث عن بعض التوجهات الممكنة لكنائس المنطقة.
اليوم الثاني: إحتفل الكاردينال لويس ساكو بالقداس الإلهي بحسب الطقس الكلداني، قبل عقد ثلاث محادثات.
تحدث المتحدث الأول المطران باولوا مارتينيلي النائب الرسولي في الإمارات واليمن وعُمان، عن جوهرية التنشئة المسيحية وتحدياتها، حيث لخص التحدي الأساسي الذي يواجه التنشئة المسيحية في هذه المصطلحات: "يجب على المرء أن ينتقل من المسيحية المنقولة عن طريق العرف- من خلال رابط اجتماعي يعتبر مفروغ منه - إلىالمسيحية المنقولة عن طريق الاقناع، القادرة على إيصال أسباب إيمان المرء من خلال الإجابة على تساؤلات الكثيرة التي تدور في قلوب الأجيال الشابة، والتي أثارتها المواقف الغير المسبوقة التي يواجهونها من أجل العمل والعيش والحب". وعقبه البروفيسور يوسف الحاج، في جامعة الروح القدس الكسليك - لبنان ومستشار سابق للجنة العلاقات الدينية مع المسلمين للمجلس البابوي للحوار بين الأديان في الكرسي الرسولي، الذي تحدث عن الحوار المسيحي الإسلامي في الشرق الأوسط: "لم يعد ينظر الى هذا الحوار من قبل الجانبين على أنه واقع متقطع بين الحين والاخر، بل كعمل أساسي لا رجعة فيه وجهد متواصل تلزم جميع الكنائس الكاثوليكية في الشرق الأوسط في جهود متضافرة". وأخيراً ناقشت الدكتورة ڤيولا الراهب، خبيرة استشارية في مجال الاتصالات والمشاريع العلمية في مؤسسة يرو أورينتا، موضوع المشاركة السياسية والحرية الدينية والمواطنة، ذكرت خللها مختلف التحديات التي تؤثر على مسيحيي اليوم وخاصة الشباب، والتي تشمل تعدد الثقافات وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي بالإضافة الى الأزمات والصراعات المتعددة التي تواجه العالم. انتهى اليوم بمناقشات جماعية تناقش خلالها المواضيع التي تم طرحها خلال المحادثات الصباحية، وتلاها جلسة عامة عُرضة خلالها الاستنتاجات، وثمَّ الصلاة الختامية.
اليوم الثالث: تميز اليوم الثالث من المؤتمر بحضور غبطة رئيس الأساقفة جورج الثالث رئيس أساقفة قبرص للروم الأرثوذكس. وتخلل المؤتمر خطاب السيدة ميرنا مزوّق منسقة المكتب الرعوي النسائي - بكركي، التي تحدثت عن "الالتزام المسيحي في الفضاء الاجتماعي الكنسي" وقدمت إحصائيات مختلفة عن التزام المسيحيين، ولا سيما الشباب في حياة الكنيسة، وسلطت الضوء على بعض الجوانب الإيجابية، وخاصة فيما يتعلق بـ "الحركات الرسولية ومجموعات الصلاة" التي أصبحت أكثر شيوعًا، تُظهر هذه الحقائق "إمكانات" لا ينبغي على الكنائس في الشرق الأوسط أن تتجاهلها، بينما يوضح البعض الآخر نقاط الضعف داخل الكنيسة، لا سيما في مجالات الإعلام والتعليم المسيحي. وفي الختام قالت السيدة ميرنا إن التجدد في حياة الكنيسة أمر ضروري للتكيف مع عصرنا، وهو عنصرة تستوحى من "الجماعة المسيحية الأولى" التي تميزت بأن لها "قلب واحد وروح واحدة".
أما السيد نديم أمّان من جمعية ROACO (اتحاد الجمعيات التابعة للكنائس الشرقية) فقد تحدث عن "التحديات والفرص أمام المؤسسات الكاثوليكية في الشرق الأوسط"، مشددًا على ضرورة الالتزام الإنساني وحاجة الكنيسة إلى "الالتزام أكثر بالتواصل مع الشباب وأخذ آرائهم وهمومهم وأحلامهم على محمل الجد من أجل تطوير رعاية رعوية برؤية واضحة - رؤية تمكن من خلالها الشباب النهوض في مسيرتهم الروحية والإنسانية. كما شدد على الحاجة الأساسية لـ "التطوير المستمر والشفافية" وتعزيز التعاون بين الكنائس المختلفة في الشرق الأوسط.
عقب هذه المحاضرات سلسلة نقاشات جماعية واختتمت بالجلسة العامة لسماع الإقتراحات وصلاة الختام بحسب الطقس الشرقي للكنيسة الملكيين الكاثوليك.
اليوم الرابع والأخير: في 23 نيسان اختتم المؤتمر سيادة المطران كلاوديو جوجيروتي، الرئيس العام للمؤتمر، الذي سلط الضوء على جهود ومبادرات الكنائس الكاثوليكية في الشرق الأوسط خلال هذا المؤتمر الذي استمر لمدة أربعة أيام، كما أبرز بعض النقاط الرئيسية التي نوقشت خلال المؤتمر مشددًا على حاجة الكنيسة للإصغاء من أجل السير معًا. كما أكد على ضرورة أن يعتاد الغرب والشرق على أنماط جديدة خالية من الهرمية أو علاقة المتبرع والمنتفع، بل السعي إلى بناء شراكة حقيقية، ويختم سيادته قوله: "إن لقائنا يبدأ فعلاً الآن، حيث نعود إلى أبرشياتنا ونحاول أن ننفذ ونلتزم بما قلناه".
وقدّم سيادة المطران منير خيرالله، أسقف البترون (لبنان)، ملخصاً عاماً حول المؤتمر الذي شارك فيه 257 عضواً وستة متحدثين رئيسيين. واختتم المؤتمر بالقداس الإلهي بحسب الطقس الماروني الذي ترأسه الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي.
أما مواضيع المؤتمر المختلفة فقد كانت تتمحور حول: التعاون والتنشئة المسيحية ودور الشباب والمرأة وأهمية الحياة الرعوية ومشكلة الهجرة... وقد اعرب الجميع عن أهمية اللقاء والتعرف على بعضنا البعض لمواجهة مشاكلنا ومخاوفنا ومن اجل بناء جسور الأمل والرجاء بين كنائسنا. ونذكر أنه هنا، في الشرق الأوسط، تشكلت الجماعة المسيحية الأولى وهم أول من نشروا بشرى الخلاص للجميع.