موناكو – في مقابلة مع وكالة aci stampa الإيطالية، تحدث رئيس الأساقفة بييرباتيستا بيتسابالا عن الأحوال المعيشية لمسيحيي الأرض المقدسة وتبعات القرارات السياسية في المنطقة على نفسيتهم. كما وتخلل المقابلة موضوع خبرته التي عاشها في الأرض المقدسة خلال ٣٠ عاماً.
١. هل تستطيع الحديث عن الأحوال المعيشية لمسيحيي الأرض المقدسة؟ هل يعانون من تمييز في أماكن العمل؟
المسيحيون ليسوا شعباً ثالثاً، فهم ينتمون إلى الشعب الذي يعيشون معه. في الأرض المقدسة، لم نعانِ من المشاكل والاضطهادات التي اجتاحت سوريا والعراق والمتمثلة في داعش وغيرها، غير أنه من الواضح أن مسيحيي فلسطين والأرض المقدسة يعيشون حياة صعبة. ثمة تمييز واضطهاد بالطبع إلا أنه غير مباشر. إن كنت مسيحياً فالعثور على عمل أو بيت يصبح أكثر صعوبة.
٢. هل أثّر مصير مسيحيي سوريا والعراق المأساوي على حياة مسيحيي الأرض المقدسة؟
لقد ترك ذلك أثراً قوياً على نفسيتهم، فعندما رأوا ما جرى لمسيحيي ومسلمي سوريا والعراق والحالات التي لم يتوقعوا عيشها، دفعهم هذا الأمر للتساؤل: “هل يمكن حدوث ذلك هنا؟“. لقد خلق هذا السؤال بالتأكيد المزيد من القلق بشأن المستقبل.
٣. العام الماضي، قامت الإدارة الأمريكية بنقل سفارتها إلى القدس، وقد لحقتها دول أخرى في القيام بذلك. ما هو أثر هذه القرارات السياسية الدولية على أرض الواقع؟
من الناحية العملية لم يحدث نقل السفارة الأمريكية إلى القدس أي تغيير يذكر على الحياة اليومية، غير أن هذه الخطوة قد عبرت نقطة اللا عودة، إن صح التعبير، من وجهة نظر سياسية. لقد كانت رسالة إلى الفلسطينيين تقول: “نعم، القدس يمكن أن تكون لكم، إلا أنها ليست كذلك“. تمثل القدس جوهر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وعليه فإن اتخاذ أية خطوة تتمحور حول القدس ولا تشمل الطرفين ستؤدي إلى خلق شرخ في الساحة السياسية، وهذا تماماً ما حصل، فقد قطع الفلسطينيون جميع اتصالاتهم مع الإدارة الأمريكية، الأمر الذي أدى إلى عرقلة المفاوضات بين الطرفين، إن لم تكن قد أوقفتها.
٤. أين يأتي عمل الكنيسة الكاثوليكية في هذه الحالة المعقدة؟
ينبغي علينا أن نعي محدوديتنا وأن نتسم بالاتزان. إننا نمثّل ١٪ من السكان، وعليه لا نستطيع، من ناحية سياسية، الإدعاء بأننا نمتلك الثقل الذي تتمتع به الجماعات الأخرى. ومع ذلك، فإن الكنيسة تجمعها علاقات دولية مع كنائس قوية أخرى على امتداد العالم، الأمر الذي يعطي وجودها مرئية أكبر. يجب ألا ننسى جانب الحج، فالملايين من الحجاج يزورون الكنيسة والأماكن المقدسة.
ليس على الكنيسة أن سد الفجوة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لأنهم إن رغبوا في الحديث سيقومون بذلك حتى من دون تدخلنا. يتمثل دور الكنيسة في إبراز أسلوب ونمط، فهناك أسلوب حضور مسيحي على هذه الأرض، كما وثمة أسلوب حضور في إطار الصراع، والذي يتمثل في تبني اللاعنف وبناء العلاقات باستمرار مع الجميع. ينبغي على الكنيسة العمل على الأرض مع الجماعة وخلق الروابط والجسور الصغيرة بين الجميع بأسلوب مسيحي.
٥. لقد عشت في الأرض المقدسة مدة ٣٠ عاماً، الأمر الذي أغنى خبرتك كإنسان ورجل دين. هل ثمة أمر اختبرته وترغب في نسيانه؟
أتمنى نسيان أحداث العنف غير المبرر، وخاصة تلك التي تتمحور حول عنف الجنود الشباب ضد العائلات. أرغب في أن أتوقف عن رؤيتها.
٦. هل هنالك أية خبرة عشتها وتتذكرها بإيجابية والتي تمنحك سبباً للأمل في المستقبل؟
أستطيع استرجاع العديد من الذكريات الجميلة وإلا لما كنت هناك. الأرض المقدسة هي مكان يصعب الحياة فيه ويملؤه التوتر. غير أنه أيضاً مكان تنشأ فيه العلاقات الشخصية القوية والحقيقية والعميقة. لقد درست في الجامعة العبرية حيث كوّنت صداقات جيدة مع رفاقي اليهود، الذين كان قد ساعدوني على التعمق في إيماني المسيحي. لقد اعتدت على قراءة الأناجيل معهم، إنجيل متى في ذلك الوقت، حيث كانت تساؤلاتهم تساعدني على التعمق في علاقتي مع يسوع.
المصدر: وكالة aci stampa الإيطالية
ترجمة بتصرف: مكتب إعلام البطريركية اللاتينية